اسباب النزول
تعدد النازل والسبب واحد
قد يكون أمر واحد سببا لنزول آيتين أو آيات متعددة على عكس ما سبق ولا مانع من ذلك لأنه لا ينافي الحكمة في إقناع الناس
وهداية الخلق وبيان الحق عند الحاجة بل إنه قد يكون أبلغ في الإقناع وأظهر في البيان.
مثال السبب الواحد تنزل فيه آيتان ما أخرجه ابن جرير الطبري والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة فقال: "إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه".
فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق العينين فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "علام تشتمني أنت وأصحابك؟ "
فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز
عنهم. فأنزل الله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} من سورة التوبة.
وأخرج الحاكم وأحمد هذا الحديث بهذا اللفظ وقالا: فأنزل الله:
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ
فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} من سورة المجادلة اهـ.
ومثال السبب الواحد ينزل فيه أكثر من آيتين ما أخرجه الحاكم والترمذي عن أم سلمة أنها قالت:
يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله:
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ
وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}
من سورة آل عمران اهـ.
وأخرج الحاكم أيضا عنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله: تذكر الرجال ولا تذكر النساء فأنزلت: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ1}
وأنزلت {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى2} .
وأخرج الحاكم أيضا أنها قالت تغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث.
فأنزل الله: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} 3 وأنزل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} 4.
1- من سورة الأحزاب وتمامها: {وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} .
2- وهي من آية آل عمران السابقة.
3- من سورة النساء وتمامها قد تقدم.
4- من سورة الأحزاب، وتمامها قد تقدم أيضا قريبا.