جديد الموقع
سورة النور => المصحف المعلم ? سورة الفرقان => المصحف المعلم ? سورة الشعراء => المصحف المعلم ? سورة النمل => المصحف المعلم ? سورة القصص => المصحف المعلم ? سورة العنكبوت => المصحف المعلم ? سورة الروم => المصحف المعلم ? سورة لقمان => المصحف المعلم ? سورة السجدة => المصحف المعلم ? سورة الأحزاب => المصحف المعلم ? سورة سبأ => المصحف المعلم ? سورة فاطر => المصحف المعلم ? سورة يس => المصحف المعلم ? سورة الصافات => المصحف المعلم ? سورة ص => المصحف المعلم ? سورة الزمر => المصحف المعلم ? سورة غافر => المصحف المعلم ? سورة فصلت => المصحف المعلم ? سورة الشوري => المصحف المعلم ? سورة الزخرف => المصحف المعلم ? سورة الدخان => المصحف المعلم ? سورة الجاثية => المصحف المعلم ? سورة الأحفاف => المصحف المعلم ? سورة محمد => المصحف المعلم ? سورة الفتح => المصحف المعلم ? سورة الحجرات => المصحف المعلم ? سورة ق => المصحف المعلم ? سورة الذاريات => المصحف المعلم ? سورة الطور => المصحف المعلم ? سورة النجم => المصحف المعلم ? سورة القمر => المصحف المعلم ? سورة الرحمن => المصحف المعلم ? سورة الواقعة => المصحف المعلم ? سورة الحديد => المصحف المعلم ? سورة المجادلة => المصحف المعلم ? سورة الحشر => المصحف المعلم ? سورة الممتحنة => المصحف المعلم ? سورة الصف => المصحف المعلم ? سورة الجمعة => المصحف المعلم ? سورة المنافقون => المصحف المعلم ? سورة التغابن => المصحف المعلم ? سورة الطلاق => المصحف المعلم ? سورة التحريم => المصحف المعلم ? سورة الملك => المصحف المعلم ? سورة القلم => المصحف المعلم ? سورة الحاقة => المصحف المعلم ? سورة المعارج => المصحف المعلم ? سورة نوح => المصحف المعلم ? سورة الجن => المصحف المعلم ? سورة المزمل => المصحف المعلم ? سورة المدثر => المصحف المعلم ? سورة القيامة => المصحف المعلم ? سورة الإنسان => المصحف المعلم ? سورة المرسلات => المصحف المعلم ? سورة النبأ => المصحف المعلم ? سورة النازعات => المصحف المعلم ? سورة عبس => المصحف المعلم ? سورة التكوير => المصحف المعلم ? سورة الإنفطار => المصحف المعلم ? سورة المطففين => المصحف المعلم ? سورة الإنشقاق => المصحف المعلم ? سورة البروج => المصحف المعلم ? سورة الطارق => المصحف المعلم ? سورة الأعلى => المصحف المعلم ? سورة الغاشية => المصحف المعلم ? سورة الفجر => المصحف المعلم ? سورة البلد => المصحف المعلم ? سورة الشمش => المصحف المعلم ? سورة الليل => المصحف المعلم ? سورة الضحى => المصحف المعلم ? سورة الشرح => المصحف المعلم ? سورة التين => المصحف المعلم ? سورة العلق => المصحف المعلم ? سورة القدر => المصحف المعلم ? سورة البينة => المصحف المعلم ? سورة الزلزلة => المصحف المعلم ? سورة العاديات => المصحف المعلم ? سورة القارعة => المصحف المعلم ? سورة التكاثر => المصحف المعلم ? سورة العصر => المصحف المعلم ? سورة الهمزة => المصحف المعلم ? سورة الفيل => المصحف المعلم ? سورة قريش => المصحف المعلم ? سورة الماعون => المصحف المعلم ? سورة الكوثر => المصحف المعلم ? سورة الكافرون => المصحف المعلم ? سورة النصر => المصحف المعلم ? سورة المسد => المصحف المعلم ? سورة الإخلاص => المصحف المعلم ? سورة الفلق => المصحف المعلم ? سورة الناس => المصحف المعلم ? الاسراء و المعراج => الشيخ عبد الرازق عيد ? شرح آية من سورة الحجرات ..يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن... => الدكتور أيمن خليل ? اوصاني خليلي بثلاث => الدكتور أيمن خليل ? سورة الرعد => عبدالرازق السيد عيد ? سورة ابراهيم => عبدالرازق السيد عيد ? سورة الحجر => عبدالرازق السيد عيد ? حكم صلاة الغائب => الدكتور أيمن خليل ? ضللت اذن وما انا من المهتدين => الدكتور أيمن خليل ? حكم التعامل بالبيتكوين => الفتاوي ?
المتواجدون الان
انت الزائر :133218
[يتصفح الموقع حالياً [ 167
الاعضاء :0 الزوار :167
تفاصيل المتواجدون
قرآن كريم

شبهات عشرا يرددها كثير من المفتونين

المادة
التصنيف : تاريخ النشر: 06-03-2017 | عدد الزيارات: 2003 القسم: شبهة الجاحدين على الوحى

شبهات عشرا يرددها كثير من المفتونين

الشبهة الأولى

يقولون إن المعجزات شأنها شأن كثير من المخترعات. فإذا كان فيها طرافة أو دهشة أو عجب فكذلك آثار العلم ومدهشاته فيما نرى ونسمع. والجواب: تعرفه مما ذكرناه آنفا في بحث المعجزة. مما يتبين به الفرق بعيدا والبون شاسعا بين المعجزة وما جد أو يجد في العالم من عجائب العلم وروائع الفن وبدائع الاختراع. فالمعجزة ليست لها أسباب معروفة حتى تلتمس ويؤتى بمثلها. أما هذه المخترعات فإن لها أسبابا معروفة عند أصحابها ويمكن معرفتها لمن لم يعرفها بيسر وسهولة متى التمسها من طريقها.

الشبهة الثانية

يقولون إن المعجزة كالسحر والشعوذة وما إليهما إن هي إلا تخييلات وتضليلات. والجواب: يتبين لك مما قصصنا عليك في المعجزة وفي ضرب المثل لها بعصى موسى. ويمكن تلخيصه بأن المعجزة نفحة من نفحات الحق تخرج عن أفق الأسباب المعتادة والوسائل المشاهدة والغايات المألوفة. أما السحر وما أشبهه فإنها فنون خبيثة ذات قواعد وأوضاع يعرفها كل من ألم بها ويصل إلى وسائلها وغاياتها كل من عالجها من بابها. ولهذا كان أول من آمن بموسى هم السحرة أنفسهم لأنهم أعلم بهذا الفرق الواضح والبون الشاسع كما تقدم.

الشبهة الثالثة

يقولون: إن ما تسمونه معجزات من العلوم والمعارف التي اشتمل على مثلها القرآن ما هي إلا آثار لمواهب بعض النابغين من الناس وهذه المواهب وآثارها وجدت ويمكن أن توجد في كل أمة. والجواب: أن مواهب النابغين ونبوغ الموهوبين وما يكون منهم من آثار وأفكار كل ذلك له وسائل وعوامل ثم له أشباه معتادة ونظائر في كل أمة وجيل وفي كل عصر ومصر أما المعجزات فلن تجد لها من وسائل ولا عوامل ولن تستطيع أن تصل إلى أشباه معتادة لها ونظائر اللهم إلا إذا خرجنا عن نطاق الكون المعروف وسنن الوجود المألوف.

الشبهة الرابعة

يقولون: إن خرق الله لعاداته على أيدي رسله كما تقولون يعتبر خروجا عن النظام العام الذي تقتضيه الحكمة وتناط به المصلحة. والجواب: أن المعجزة وإن كانت خارجة عن حدود الأنظمة المعتادة لا تعتبر خروجا على النظام العام الذي تقضي به الحكمة وتناط به المصلحة بل هي من مقتضيات ذلك النظام العام الذي تمليه الحكمة وتوحيه المصلحة. وأي حكمة أجل من تأييد الحق وأهل الحق؟ وأي مصلحة أعظم من اهتداء الخلق إلى طريق سعادتهم؟ بوساطة تلك المعجزات التي يفهمون منها مراد الخالق من تأييد رسله ووجوب تصديقهم لهم واتباعهم إياهم.

الشبهة الخامسة

يقولون: لو كان الوحي ممكنا لأوحى الله إلى أفراد البشر عامة ولم يخص به شرذمة قليلين يجعلهم واسطة بينه وبين خلقه. والجواب: أن عامة البشر ليس لديهم استعداد لتلقي الوحي عن الله لا مباشرة ولا بواسطة الملك حتى لو جاءهم ملك لم يستطيعوا رؤيته إلا إذا ظهر في صورة إنسان وحينئذ يعود اللبس ويبقى الإشكال. فقضت الحكمة أن يجعل الله من بني الإنسان طائفة ممتازة لها استعداد خاص يؤهلها لأن تتلقى عن الله الوحي ثم تؤديه في أمانة إلى العامة من إخوانهم في الإنسانية بعد أن وضع الله في أيديهم شواهد الحق الناطقة التي تدل العالم على مراده سبحانه من تصديقهم وبعد أن سلحهم بالآيات التي تطمئن الناس على أنهم رسل لإنقاذهم وإرشادهم من عند ربهم. ثم إن اختصاص بعض أفراد النوع الإنساني بالوحي والنبوة فيه نوع من الاختبار والابتلاء الذي بنى الله عليه هذه الحياة وميز به الخبيث من الطيب. {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} . وتلك الشبهة يقول الله في مثلها من سورة الأنعام: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} .

الشبهة السادسة

يقولون: كيف تدل المعجزة على تصديق الله لرسله مع أننا ما رأينا الله وما سمعناه. والجواب: أن دلالة المعجزة على تصديق الرسول كدلالة الكون على خالقه مع أننا ما رأينا الله وما سمعناه ولنضرب لهم المثال كيلا تبقى لهم شبهة ولا يقوم لهم عذر افرض أنك حضرت مجلسا عاما فيه ملك من الملوك وكان من تقاليد هذا الملك ألا يكشف رأسه في مجلس من المجالس العامة وبينما القوم جلوس في حضرة صاحب الجلالة إذ نهض رجل من الحاضرين معروف للجميع بصدقه وأمانته وأدبه واستقامته وحسبه ونسبه. وإذا هذا الرجل يقول على مرأى ومسمع من المليك ورعيته: أيها القوم إن مولاي الملك حملني هذه الرسالة أبلغكم إياها وهي أن تفعلوا كذا وتتركوا كذا ثم سكت الملك ولم يكذبه ثم لم يكتف الرجل بطهارة ماضيه وسكوت مليكه في ترويج دعوته وتأييد رسالته. بل قال إن آية صدقي أن يغير مولاي الملك عادته الآن ويخرج عن تقليد من تقاليده المعروفة لكم جميعا وذلك بأن يعري رأسه في هذا المجلس العام. ثم ما كاد ينتهي حتى عرى المليك رأسه وخلع تاجه. أفلا يعتبر ذلك دليلا كافيا على صدق هذا الرجل وصدق ما جاء به؟ ثم ما بالك إذا هو قد عزز دليله بالتحدي فقال: إني أتحداكم أن يجيبكم الملك إلى مثل ما أجابني إليه. فأخذوا يطلبون ويلحون فلم يستجب لهم الملك ولم يغير عادته معهم ولا مرة واحدة. أفلا يكون ذلك برهانا أبلج من الصبح على أن هذا الداعي هو رسول هذا الملك حقا؟ ثم ألا يكون المكذب بعد ذلك معاندا ومكابرا ويكون بالحيوان الذي لا يفهم ولا يعقل أشبه منه بالإنسان الذي يفهم ويعقل؟ {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} . وذلك المثل هو مثل رسل الله تؤيدهم معجزات الله. {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

الشبهة السابعة

يقولون: إن هذا الوحي للذي تدعونه وتدعون تنجيمه جاء بهذا القرآن غير مرتب ولا منظم فلم يفرد كل غرض من أغراضه بفصل أو باب شأن سائر الكتب المنظمة. بل مزجت أغراضه مزجا غير مراعى فيه نظام التأليف فيبعد أن يكون وحيا من الله. وهذه الشبهة واردة كما ترى على تنجيم القرآن وترتيبه أيضا. والجواب: أن مخالفة القرآن لأنظمة الكتب المؤلفة لا تعتبر عيبا فيه ولا في وحيه وموحيه بل هي على العكس دليل مادي على أنه ليس بكتاب وضعي بشري يجلس إليه واضعه من الناس فيجعل لكل طائفة من معلوماته المتناسبة فصلا ولكل مجموعة من فصوله المتناسقة بابا بل هو مجموع إشراقات من الوحي الإلهي الأعلى. اقتضتها الحكمة ودعت إليها المصلحة. على ما هو مفصل في أسرار تنجيم القرآن. ثم إن هذا المزيج الطريف الذي نجده في كل سورة أو طائفة منه له أثر بالغ في التذاذ قارئه وتشويق سامعه واستفادة المستفيد بأنواع متنوعة منه في كل جلسة من جلساته أو درس من درسه وهذا هو الأسلوب الحكيم في التعليم والإرشاد خصوصا لتلك الأمة الأمية التي نزل عليها. فما أشبه كل مجموعة من القرآن بروضة يانعة يتنقل الإنسان بين أفيائها متمتعا بكل الثمرات أو بمائدة حافلة بشتى الأطعمة يشبع الجائع حاجته بما فيها من جميع الألوان. وهنا دقيقة أحب ألا تعزب عن علمك. وهي أن هذا الروض الرباني اليانع القرآن الكريم يقوم بين جمله وآيه وسوره تناسب بارع وارتباط محكم وائتلاف بديع ينتهي إلى حد الإعجاز خصوصا إذا لاحظنا نزوله منجما على السنين والشهور والأيام. قال الشيخ ولي الدين الملوي: قد وهم من قال: لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا. فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة. ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جم. وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له. وقال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره لسورة البقرة ما نصه: ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو معجز أيضا بسبب ترتيبه ونظم آياته. ولعل الذين قالوا: إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل: والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر

الشبهة الثامنة

يقولون: إن محمدا كان عصبيا حاد المزاج وكان مريضا بما يسمونه الهستريا فالوحي الذي كان يزعمه ما هو إلا أعراض لتلك الحال التي أصيب بها. والجواب: أن هذه فرية تدل على جهلهم الفاضح بمحمد صلى الله عليه وسلم. فالمعروف عنه بشهادة التاريخ الصحيح والأدلة القاطعة أنه كان وديعا صبورا حليما بل كان عظيم الصبر واسع الحلم فسيح الصدر حتى إنه وسع الناس جميعا ببسطه وخلقه. وكان شجاعا مقداما سليم الجسم صحيح البدن، حتى إنه صارع ركانة المشهور بشجاعته فصرعه وكان يثبت في الميدان حين يفر الشجعان ويفزع الخلق ويشتد الأمر ويقول: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" ويقول: "إلي عباد الله" ولا يزال كذلك حتى ينقذ الموقف ويكسب المعركة. ولو أفضنا في هذا الموضوع لطال بنا الكلام ولكن موضوعه كتب السيرة والشمائل المحمدية فارجع إليها إن شئت أما مرض الهستريا الذي يصمونه كذبا به فهو داء عصبي عضال أكثر إصاباته في النساء. ومن أعراضه شذوذ في الخلق وضيق في التنفس واضطراب في الهضم. وقد يصل بصاحبه إلى شلل موضعي ثم إلى تشنج ثم إلى إغماء ثم إلى هذيان مصحوب بحركة واضطراب في اليدين والرجلين وقفز من مكان إلى مكان. وقد يزعم المصاب أنه يرى أشباحا تهدده وأعداء تحاربه أو أنه يسمع أصواتا تخاطبه على حين أنه لا وجود لشيء من ذلك كله في الحس والواقع.
فهل يتفق ذلك وما هو معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان أمة وحده في أخلاقه وثباته وحلمه وعقله ورباطة جأشه وسلامة جسمه وقوة بنائه؟. ثم كيف يتفق ذلك الداء العضال الذي أعيا الأطباء وما انتدب له محمد صلى الله عليه وسلم من تكوين أمة شموس أبية وتربيتها على أسمى نواميس الهداية ودساتير الاجتماع وقوانين الأخلاق وقواعد النهضة والرقي؟. أضف إلى ذلك أنه نجح في هذه المحاولة المعجزة إلى درجة جعلت تلك الأمة بعد قرن واحد من الزمان هي أمة الأمم وصاحبة العلم وربة السيف والقلم. فهل المريض المتهوس الذي لا يصلح لقيادة نفسه يتسنى له أن يقوم بهذه القيادة العالمية الفائقة ثم ينجح فيها هذا النجاح المعجز المدهش؟. قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم

الشبهة التاسعة

يقولون: إنكم تستدلون على الوحي بإعجاز القرآن وتستدلون على إعجاز القرآن بما فيه من أسرار البلاغة ونحن لا ندرك تلك الأسرار ولا نسلمها فلا نسلم الوحي المبني عليها. والجواب: أن للقرآن نواحي أخرى في الإعجاز غير ما يحويه من أسرار البلاغة والبيان ومن السهل معرفتها على من لم يتمهر في علوم العربية واللسان. منها ما يحويه هذا التنزيل من المعارف السامية والتعاليم العالية في العقائد والعبادات وفي التشريعات المدنية والجنائية والحربية والمالية والحقوق الشخصية والاجتماعية والدولية وإن مقارنة بسيطة بين تلك الهدايات القرآنية وبين ما يوجد على وجه الأرض من سائر التشريعات الدينية وغير الدينية توضح لك ذلك الإعجاز الباهر خصوصا إذا لاحظت أن هذا الذي جاء بتلك المعارف الخارقة كان رجلا أميا نشأ وعاش وشب وشاب وحي ومات بين أمة أمية كانت لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان.
كذلك أنباء الغيب التي تحدث بها القرآن وهي كثيرة يمكن إدراك وجه الإعجاز فيها بيسر وسهولة لكل منصف. اقرأ إن شئت فاتحة سورة الروم لتعرف كيف أخبر القرآن صراحة بأمر كان لا يزال مستترا في ضمائر الغيب بل كانت العوامل والظواهر لا تساعد عليه ذلك أنه أخبر في وقت انتصر فيه الفرس على الروم في أدنى الأرض بأن الروم سيدال لهم على الفرس وينصرون في بضع سنين وكان كما قال. ثم اقرأ قوله سبحانه مخاطبا لنبيه في موقف من مواقف الخصومة والمحاجة بينه وبين أعدائه اليهود: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} وهذا من أبرز شواهد الإعجاز والتحدي: إذ كيف يتسنى لرجل عظيم في موقف من المواقف الفاصلة بينه وبين أعدائه أن يجرؤ على تحديهم بشيء هو من شأنهم وحدهم وكان في استطاعتهم عادة بل في استطاعة أقل واحد منهم أن يقول ولو ظاهرا: إني أتمنى الموت ليظفروا بذلك التمني على محمد صلى الله عليه وسلم ويبطلوا به دعوته ويستريحوا منه على زعمهم. ولكن كل ذلك لم يكن فما تمنى أحد منهم الموت بل صرفوا وما زالوا مصروفين عنه أبدا ثم سجل القرآن عليهم ما هو أبعد من ذلك إذ قال عقيب تلك الآية: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} ا. هـ من سورة البقرة. أليست تلك أدلة مادية قامت ولا تزال قائمة على أن محمدا صلوات الله وسلامه عليه كان مؤيدا بالوحي من ربه وأنه إنما يتلقى القرآن من لدن حكيم عليم؟. أما إعجاز القرآن من ناحية الأسرار البلاغية فلا يقدح فيه أن جمهرة الناس اليوم لا يدركونها ولا يتذوقونها فإن ذلك لا يرجع إلى خلو القرآن من أسرار البلاغة والبيان إنما يرجع إلى جهل الناس باللغة العربية وأساليبها وإلى فساد ذوقهم من غلبة العجمة عليهم ومعروف أن عدم الإدراك لشيء لا ينهض دليلا على عدم ذلك الشيء. ونظير ذلك أن عدم علمنا بلغة من اللغات الأجنبية مثلا لا يلزم منه أن ننكر أن فلانا متفوق في تلك اللغة بشهادة الأخصائيين فيها والحاذقين لها بل نحن نؤمن بوجود لغات لا نعرف منها شيئا كما نؤمن بوجود نابغين فيها لا نعرفهم ولا نعرف من وجوه نبوغهم شيئا اللهم إلا عن طريق سماعنا لذلك من مصادر نثق بها. كذلكم القرآن الكريم قد شهد الفنيون والأخصائيون من حذاق اللغة العربية في أزهى عصور التوفر عليها والتمهر فيها أنه كتاب فاق الكتب وكلام بز سائر ضروب الكلام وبلغ في سموه وتفوقه حدود الإعجاز والإفحام من ناحية الفصاحة والبلاغة وما يحمل لهما من أسرار. ثم نقل إلينا ذلك كله نقلا متواترا قاطعا لا ظل فيه للشك والنكران. فلماذا لا نقبل هذا الحكم العادل ومصادره كثيرة محترمة كل الاحترام؟. أليس ذلك تعصبا وعنادا على حين أن الباب كان ولا يزال مفتوحا أمام كل من يحذق علوم اللغة العربية وأساليبها أن يتذوق أسرار البلاغة والإعجاز في هذا القرآن وأن يحكم هو نفسه بما حكم به الآلاف المؤلفة في كل زمان ومكان. وإذا لم تر الهلال فسلم ... لأناس رأوه بالأبصار على أن لإعجاز القرآن ميدانا آخر فاطلبه إن شئت. {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ} .

الشبهة العاشرة

يقولون: إن إعجاز القرآن للعرب لا يدل على أن القرآن كلام الله. بل هو كلام محمد نسبه إلى ربه ليستمد قدسيته من هذه النسبة. وإعجازه جاء من ناحية أن محمدا كان الفرد الكامل في بيانه بين قومه لذلك جاء قرآنه الفرد الكامل أيضا بين ما جاء به قومه ولم يستطيعوا لهذا الاعتبار وحده أن يأتوا بمثله شأن الرجل الفذ بين أقرانه في كل عصر. ويجيب على هذه الشبهة بأجوبة خمسة: أولها: أن كل من أوتي حظا من حس البيان وذوق البلاغة يفرق بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوي فرقا كبيرا يمثل الفرق الكبير بين مقدور الخالق ومقدور المخلوق. وها هما القرآن والحديث النبوي لا يزالان قائمين بيننا يناديان الناس بهذا الفارق البعيد إن كان لهم إحساس في البيان وذوق في الكلام. ولو كان لهذه الشبهة شيء من الوجاهة لكان أولى الناس أن يرفعوا عقيرتهم بها هم أولئك العرب الخلص الذين شافههم القرآن لأنهم كانوا أحرص على تعجيز محمد وإسكاته للاعتبارات التاريخية المعروفة. لكنهم ما قالوا هذا. بل كانوا أكرم على نفسهم من أن يقولوه إيقانا منهم بظهور المميزات الفائقة بكلام الربوبية عن كلام النبوة بحيث لا يلتبس أحدهما بالآخر في شيء. وهكذا من ذاق عرف ومن حرم انحرف. وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم الجواب الثاني: أن القرآن لم يأت الناس من الخلف بل جاءهم من أوسع الأبواب ودخل عليهم من طريق العرب الخلصاء ذوي اللسن والبيان. وتحداهم من الناحية التي نبغوا فيها وهي صناعة الكلام تلك الصناعة البيانية الفائقة التي وقفوا عليها مواهبهم وأنفقوا فيها حياتهم حتى صارت موضع تنافسهم وسبقهم وموضوع فخرهم وفوقهم. شأن معجزات الله تعالى لم تأت الناس إلا من الناحية المفهومة لهم كل الفهم وذلك ليظهر أمر الله واضحا جليا لا لبس فيه ولا غموض ولا شبهة ولا شكوك {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} . ومن هنا نعلم والتاريخ يشهد أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد كما يقول أولئك الملاحدة لأمكن هؤلاء العرب البارزين في البيان أن يعرفوا أنه كلامه بما أوتوا من ملكة النقد وما وهبوا من نباهة الحس والذوق ثم لأمكنهم أن يجاروه ولو شوطا قريبا إن لم يمكنهم مجاراته شوطا بعيدا. لا سيما أن القرآن قد اكتفى منهم في معرض التحدي بأن يأتوا بسورة من مثل أقصر سورة أي بمثل ثلاث آيات قصار من بين تلك الآلاف المؤلفة التي اشتمل عليها الكتاب العزيز. وأنت خبير بأن هؤلاء لم تكن لتعييهم تلك المساجلة وهم فرسان ذلك الميدان. وأئمة الفصاحة والبيان لو كان الأمر من صناعة محمد صلى الله عليه وسلم وإنشائه. كما يزعم أولئك الخراصون فما بالك وقد خرست ألسنتهم وخشعت أصوات الأجيال كلها من بعدهم. ومعلوم أن النابغة الفذ في أي عصر من العصور يستطيع أقرانه بيسر وسهولة أن يحاكوه مجتمعين ومنفردين في الشيء القليل على فرض أنهم لا يستطيعون معارضته في الجميع أو الشيء الكثير. الجواب الثالث: أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد لكان من الفخر له أن ينسبه إلى نفسه. ولأمكن أن يدعي به الألوهية فضلا عن النبوة. ولكان مقدسا في نظر الناس وهو إله أكثر من قداسته في نظرهم وهو نبي ولما كان في حاجة إذا إلى أن يلتمس هذه القدسية الكاذبة بنسبته القرآن إلى غيره {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} ؟؟. الجواب الرابع: أن هؤلاء الملاحدة غاب عنهم أنهم يتحدثون عن أكرم شخصية عرفها التاريخ طهرا ونبلا وذهلوا عن أنهم يمسون أسمى مقام اشتهر أمانة وصدقا. فكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بقومه يشيرون إليه بالبنان ويقولون: هذا هو الصادق الأمين. ثم صدروا عن رأيه ورضوا بحكمه. والعقل المنصف قال ولا يزال يقول: ما كان هذا الأمين الصدوق ليذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} . الجواب الخامس: أن هذه الشبهة وليدة الغفلة عن مضامين القرآن العلمية وأنبائه الغيبية وهداياته الخارجة عن أفق العادة في كافة النواحي البشرية فردية كانت أو اجتماعية. لا سيما أن الآتي بهذا القرآن رجل أمي في أمة أمية كانت في أظلم عهود الجاهلية. أضف إلى ذلك ما سجل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم من أخطاء في بعض اجتهاداته ومن عتاب نحس تارة بلطفه وأخرى بعنفه. ولو كان هذا التنزيل كلامه ما سمح أن يسجل على نفسه ذلك كله. ولكن الملاحدة سفهوا أنفسهم وزعموا رغم هذه البراهين اللائحة أن محمدا افترى القرآن على ربه. كذبوا وضلوا. {مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . ذيل لهذه الشبهة: ويتصل بهذه الشبهة شبهة أخرى قد تعرض لبعض المأفونين. وهي أن هذا البعد الشاسع بين القرآن والحديث لم يجيء من ناحية أن القرآن كلام الله والحديث كلام محمد. إنما جاء من ناحية أن محمدا كان له ضربان من الكلام أحدهما يحتفل به كل احتفال ويعنى مزيد العناية بتهذيبه وتنميقه وتحضيره وذلك هو ما سماه بالقرآن ونسبه إلى الله. وثانيهما يرسله إرسالا غير معني بتحبيره وتحريره وهو المسمى بالحديث النبوي. ثم يقولون لترويج شبهتهم هذه: إن ذلك ليس بدعا فيما نرى من آثار الأدباء والبلغاء بل نحن نلحظ أن الأديب الواحد يعلو كلامه الصادر عن تأمل وعناية وروية علوا كبيرا عن كلامه المرسل على البديهة حتى كأنهما لكاتبين اثنين بينهما بعد ما بين المشرقين. والجواب الأول: أن هذه الشبهة الجديدة مبنية على قياس فاسد وهو تشبيه أدباء ذاك العصر الزاهر الذي نزل فيه القرآن وسلمت فيه السليقة العربية بأدباء هذا العصر المولدين الذين فسدت لغتهم وتبلبلت ألسنتهم. وشتان ما بين الطبقتين ويا بعد ما بين العصرين. أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا ما استقل يمان فالتفاوت البعيد بين الكلام المرسل والكلام المحبر لم يظهر إلا منذ فسد اللسان العربي وتطرقت العجمة إلى المولدين من العرب وأشباههم. أما أولئك العرب الخلص الذين كانوا يتكلمون العربية بالسليقة فلم يك منهج أحدهم البياني مختلفا هذا الاختلاف الكبير تبعا للإرسال والتحبير. بل العربي القح نهجه في الكلام نهج واحد هو نهج السليقة الصافية والطبيعة السليمة. ولم يكن التحبير ليذهب به مذهب الذبذبة التي تجعل له أسلوبين متباينين في كلامه بل قصاراه في تحبيره أن يحيط بأطراف موضوعه دون أن يند عنه مقصد من مقاصده ودون أن يخرج عن أسلوبه الذي ينبع من نفسه وتفيض به سجيته العرباء ذلك الأسلوب الذي يتعب أهل الفن منا أنفسهم في محاكاته وهيهات أن يبلغوا إلا بعد طول عناء. على أن معاناة ذلك العربي القح إذا عانى التنميق والتزويق لم تكن لتزيد كلامه روعة وحسنا بل كانت تنزل به بمقدار ما يظن أحدنا أنها تصعد فيه. ولهذا كان العرب يعافون من الكلام ما ظهرت فيه آثار الصنعة والتكلف ويعدون ذلك من التفاصح النازل إلى مهواة العي والتنطع كما كانوا مأخوذين بالجيد السلس وبالسهل الممتنع ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أبعد العرب عن هذا التعمل والتصنع والتحبير حتى لقد نهى عن ذلك وناط به الهلاك والخسران. تدبر ما يرويه مسلم وأبو داود من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هلك المتنطعون" والتنطع في الكلام: التعمق فيه والتفاصح. وروى الشيخان أنه جاءه رجل من هذيل يخاصم في دية الجنين فقال: يا رسول الله كيف أغرم دية من لا شرب ولا أكل. ولا نطق ولا استهل. فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه الذي سجع. وفي رواية أنه قال: "أسجع كسجع الأعراب". وفي رواية أخرى أنه قال: "أسجع الجاهلية وكهانتها". فأنت ترى أنه ذم هذا السجع المصنوع وجعل صاحبه من إخوان الكهان ومن جهلة الجاهلية. وما ينبغي له أن يذم شيئا ثم يقع فيه. وحاشاه وحاشا بيانه الشريف من هذا الإسفاف والتعمل الخسيس. ودونك السنة النبوية فاقرأ منها ما شئت فلن تجد إلا جيدا مطبوعا ومعاذ الله أن تجد فيها متكلفا مصنوعا. والقرآن أعلى في هذا الباب وأجل. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} . الجواب الثاني: أن هذه الشبهة تخالف في أساسها ما هو واقع معروف: ذلك أن القرآن الكريم منه ما نزل مفاجأة على غير انتظار وتفكير وبدون تلبث وتدبير وهو أكثره. ومنه ما نزل بعد تشوف واستشراف وطول انتظار وهو أقله. ومع هذا فأسلوبه الأعلى هو أسلوبه الأعلى ونظمه المعجز هو نظمه المعجز في الحالين على سواء. تأمل ما جاء في سبب نزول قوله سبحانه: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وهو أن اليهود قالت لقريش: سلوا محمدا عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين فسألوه فقال: "ائتوني غدا أخبركم" ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه ثم نزلت الآيات جوابا لتلك الأسئلة بعد تلك المدة الطويلة التي قدرها بعضهم بأربعين يوما وأنت إذا قرأتها لن تجد فرقا بين أسلوبها وأسلوب كثرة القرآن الغامرة التي نزلت مباغتة مفاجئة. وهذا الذي يقال في القرآن يقال مثله في الحديث النبوي. فمنه ما كان وليد التفكير والتدبير والمشاورة والمداولة كحديثه صلى الله عليه وسلم في شؤون الحرب والصلح ومنه ما كان وحي الساعة وإرسال البديهة كحديثه الكثير فيما هو ظاهر من أمور الدين. ومنه ما كان وحي الله إليه يهبط به الأمين جبريل كحديث المعتمر المتضمخ بالطيب وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن طيبه في عمرته هذه. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة حتى جاءه الوحي ولما سري عنه قال: "أين السائل عن العمرة" فجيء به فقال عليه الصلاة والسلام: "أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات. وأما الجبة فانزعها واصنع في عمرتك ما تصنع في حجك" رواه الشيخان. نعرف هذه الظروف المختلفة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنها مع اختلافها لم يختلف فيها الأسلوب النبوي بل هو طراز واحد من أرقى الأساليب البشرية إن لم يكن أرقاها وقلما تلحظ فيه تفاوتا كثيرا. لا فرق في ذلك بين ما أرسله على البديهة وما أجال فيه الرأي والاستشارة وما نزل به وحي السنة وما احتفل به احتفالا ممتازا بالمواقف المشهودة والمجامع المحشودة. إذن هما نمطان متمايزان لا يشتبهان نمط القرآن كله ونمط الحديث كله لكل منهما مسحة وبيان ودرجة في الفوق والسبق بينها وبين الأخرى بعد ما بين شأني الخالق والخلق وفرق ما بين مكانتي السيد والعبد فالقرآن يمتاز بمسحة بلاغية خاصة وطابع بياني فريد لا يترك بابا لأن يلتبس بغيره أو يشتبه بسواه ولا يعطي الفرصة لأحد أن يعارضه أو يحوم حول حماه بل من خاصمه خصم ومن عارضه قصم ومن حاربه هزم. أما الحديث الشريف فهو وإن حلق في جو الفصاحة وسما في جملته عن أساليب العرب فإنه لا يزال في أرض العبودية لم يصل إلى سماء الإعجاز وتشبهه أساليب بعض خواص أصحابه وبينه وبين حكم العرب المأثورة قرابة ماسة وشبه قريب. بخلاف القرآن فإنه ليس كمثله بيان لأنه كلام من ليس كمثله شيء. وكلام الملوك ملوك الكلام.

(مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقانى )

الوصلات الاضافية
عنوان الوصلة استماع او مشاهدة تحميل
وَلَلَبَسْنَا , إلى , من , ثم , وتناط , شرذمة , عصر , المعجزات , تدل , عليك , في , إن , ذلك , أما , أفق , يعتبر , كما , ونبوغ , وروائع , {وَقَالُوا , الحق؟ , ونسمع , ولن , أمة , مواهب , وَلَوْ , يقولون , أَنْزَلْنَا , الموهوبين , بعصى , على , وأوضاع , وجيل , استعداد , واسطة , وعوامل , المألوفة , كل , تأييد , أسبابا , النظام , يجد , الإنسان , البشر , حكمة , فإن , ملك , إليهما , وفي , ذكرناه , وأي , والوسائل , وبدائع , المعجزة , عند , وما , ويمكن , يعرفها , الشبهة , سعادتهم؟ , خبيثة , طريقها , صورة , الفن , والجواب , رسل , عن , المشاهدة , يقول , اشتمل , خلقه , المخترعات , العام , المألوف , العلوم , يتبين , ومدهشاته , فإذا , آنفا , الفرق , بني , الخامسة , الثانية , والبون , والابتلاء , ولم , تعتبر , كان , التمسها , لَوْلا , ظهر , الحكمة , أو , أمانة , مما , وآثارها , أنهم , قصصنا , حتى , ممكنا , تمليه , لا , النابغين , كثير , ليس , أعلم , يجعلهم , تؤديه , ونظائر , نطاق , خروجا , أن , نوع , أشبهه , أشباه , منها , ولا , عامة , ربهم , حدود , آمن , لأن , هي , أجل , الملك , وضع , والشعوذة , الحق , معتادة , هذه , ما , العالم , مَا , أصحابها , فيما , طرافة , أفراد , السادسة , العلم , الذي , الله , رؤيته , والمعارف , فلن , الوحي , اختصاص , الحياة , جد , تقولون , ضرب , وتوحيه , آثار , بعيدا , السحرة , الناطقة , والغايات , شأن , مراد , الْعَظِيمِ} , أنفسهم , كالسحر , شواهد , بمثلها , ويبقى , ألم , ذُو , المصلحة , لها , الإنسانية , تلك , اللهم , نفحة , بوساطة , به , المواهب , إلا , موسى , إخوانهم , الاختبار , وأفكار , مقتضيات , بالوحي , الإشكال , تجد , التي , يجعل , {يَخْتَصُّ , لو , بابها , فإنها , شاسعا , المثل , بموسى , بها , فنون , بين , لتلقي , ممتازة , المفتونين , لمن , اللبس , بينه , الأولى , خارجة , أول , يكون , عشرا , خاص , بعض , تصديقهم , إنسان , الناس , فقضت , معروفة , السحر , أيديهم , وبعد , ووجوب , بعد , تخرج , وسائل , لديهم , مباشرة , المعتادة , رسله , قواعد , الوجود , يستطيعوا , خرجنا , معجزات , هم , إذا , ذات , العامة , وتضليلات , مثلها , تصل , يؤهلها , لَجَعَلْنَاهُ , متى , عَلَيْهِمْ , ويصل , الشاسع , تلخيصه , النوع , ويؤتى , الخالق , القرآن , قليلين , يعود , لم , مصلحة , خرق , تعرفه , تخييلات , جَعَلْنَاهُ , لمواهب , عالجها , عجب , له , عجائب , الواضح , ومصر , وحينئذ , وميز , بحث , لأنهم , بِرَحْمَتِهِ , وهذه , مَلَكاً , الإنساني , بل , الأنظمة , طائفة , تقتضيه , تتلقى , دهشة , إياهم , وَاللَّهُ , لعاداته , فيه , مَنْ , لك , شبهات , تسمونه , سبحانه , وإرشادهم , وسائلها , ليست , تقضي , وإن , أيدي , بيسر , اهتداء , الثالثة , وبين , يُنْظَرُونَ , الكون , أسباب , الخلق , بواسطة , يَلْبِسُونَ} , وغاياتها , نرى , مَلَكٌ , شأنها , فيها , يخص , أعظم , طريق , الأسباب , منهم , مراده , ثُمَّ , لإنقاذهم , والنبوة , تلتمس , معرفتها , فالمعجزة , المعروف , كانت , عَلَيْهِ , تقدم , الخبيث , وسهولة , وتلك , تطمئن , يرددها , الْفَضْلِ , نفحات , أُنْزِلَ , يفهمون , عوامل , ولهذا , الاختراع , يَشَاءُ , لَقُضِيَ , جاءهم , الأنعام , الْأَمْرُ , واتباعهم , بالآيات , بنى , وسنن , لأوحى , رَجُلاً , سورة , سلحهم , بأن , الطيب , الرابعة , بهذا , توجد , تستطيع , عليه , وأهل , وجدت , لهم , فكذلك ,
التعليقات : 0 تعليق

« إضافة تعليق »
روابط ذات صلة
المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
 

جميع الحقوق محفوظة © موقع هدي الله الإسلامي -2016-2019