فضل شهادة أن لا إله إلا الله
كلمة لا إله إلا الله هي سبيل السعادة في الدارين فبلتزامها النجاة من النار وبعدم التزامها البقاء في النار ، وبها تثقل الموازين وبدونها تخف الموازين وبها أخذ الله الميثاق ﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ﴾ (1) ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار ،
لذا فقد اجتمعت لهذه الكلمة العظيمة كثير من الفضائل :
1-فهي أعظم نعمة أنعم الله عز وجل بها على عباده أن هداهم إليها ، ولهذا ذكرها في سورة النحل التي هي سورة النعم فقدمها أولاً قبل كل نعمة ، فقال تعالى : ﴿ ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ﴾(2).
2-وهي العروة الوثقى : قال تعالى : ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصال لها ﴾ (3) . قاله سعيد بن جبير والضحاك
3-وهي العهد الذي ذكره الله عز وجل إذ يقول : ﴿ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ (4) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : شهادة أن لا إله إلا الله ، والبراءة من الحول والقوة إلا بالله وأن لا يرجو إلا الله عز وجل .
4-وهي الحسنى التي ذكرها تعالى في قوله : ﴿ فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى ﴾ (5) . قاله أبو عبدالرحمن السلمي والضحاك ، ورواه عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما .
5-وهي كلمة الحق التي ذكر الله عز وجل إذ يقول : ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾ (6) قاله البغوي .
6-وهي كلمة التقوى التي ذكرها تعالى في قوله : ﴿ وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ﴾ (7) رواه ابن جرير وعبدالله بن أحمد والترمذي .
7-وهي القول الثابت الذي ذكره تعالى في قوله : ﴿ يثبت الله الاذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ (8) وقد ثبت ذلك في الصحيحين عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
8-وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلاً في قوله تعالى : ﴿ ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ﴾ (9) . وهو مروي عن علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فأصلها ثابت في قلب المؤمن وفروعها العمل الصالح في السماء صاعد إلى الله عز وجل ، وكذا قال الضحاك وابن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم.
9-وهي سبب النجاة من النار ، كما في صحيح مسلم أن النبي r سمع مؤذناً يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال : (خرجت من النار) . وفيه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله r يقول : (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار) وفي حديث الشفاعة : (أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) (10) .
10-وهي سبب دخول الجنة ، ففي الصحيح أنه r قال : (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة) .
11-وهي أفضل ما ذكر الله به عز وجل كما يقول عليه الصلاة والسلام : (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله) ( 11) .
12-وهي أثقل شيء في الميزان كما في المسند عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي r أن نوحاً عليه السلام قال لابنه عند موته : آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله ، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة (12 ) لفصمتهن لا إله إلا الله (13) وفي الترمذي والنسائي والمسند عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الهل r يقول : (إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئاً ، أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يارب . فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول :لا يارب . فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة ، وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقول: احضر وزنك ، فيقول : يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال : فإنك لا تظلم ، قال : فتوضع السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء) (14) .
13-ويكفي في فضلها إخبار النبي r أنها على جميع شعب الإيمان كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) وهذا لفظ مسلم . فمن قال هذه الكلمة عالماً ومتيقناً معناها وعاملاً بمقتضاها على وفق ما علمه منها وتيقنه في القول والعمل – قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح – ومات على ذلك دخل الجنة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) الزخرف : 45.
(2) النحل : 2.
(3) البقرة : 256.
(4) مريم : 78.
(5) الليل : 5-7.
(6) الزخرف : 86.
(7) الفتح : 26.
(8) إبراهيم : 27.
(9) إبراهيم : 24.
(10) حديث الشفاعة في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متقاربة ، انظر فتح الباري ، ج1 ص91، ج11ص424، ج13ص431، شرح النووي على صحيح مسلم ج3 ص17-38 وانظر صحيح سنن الترمذي للألباني رقم 2091.
(1[1]) حسنه الألباني في الصحيحة رقم 1503، صحيح الجامع 1113.
(12) أي مغلقة . لسان العرب ص376.
(13) سنده صحيح . قاله الألباني في الصحيحة رقم 134 ، ولم أذكر حديث : (يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري ...) الحديث ، لضعف سنده .
انظر شرح السنة للبغوي بتحقيق الشاويش والأرناؤوط رقم 1273.
(14) صحيح الجامع الصغير 1772.